الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة (نسخة منقحة)
.فِي الرَّجُلِ يَشْتَرِي الْأَمَةَ فَتَرْتَفِعُ حَيْضَتُهَا: قَالَ: تَعْتَدُّ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ اشْتَرَاهَا فَإِنْ اسْتَبْرَأَتْ قَالَ: يَنْظُرُ بِهَا تِسْعَةَ أَشْهُرٍ، فَإِنْ حَاضَتْ فِيهَا وَإِلَّا فَقَدْ حَلَّتْ، قُلْتُ: وَلَا يَكُونُ عَلَى سَيِّدِهَا أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ بَعْدَ التِّسْعَةِ الْأَشْهُرِ الَّتِي جَعَلَهَا اسْتِبْرَاءً مِنْ الرِّيبَةِ؟ قَالَ: لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَبْرِئَ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ بَعْدَ تِسْعَةِ أَشْهُرِ الرِّيبَةَ؛ لِأَنَّ الثَّلَاثَةَ الْأَشْهُرِ قَدْ دَخَلَتْ فِي هَذِهِ التِّسْعَةِ وَلَا تُشْبِهَ هَذِهِ الْحُرَّةَ؛ لِأَنَّ هَذِهِ لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا وَإِنَّمَا عَلَيْهَا الِاسْتِبْرَاءُ، فَإِذَا أَمْضَتْ التِّسْعَةَ فَقَدْ اسْتَبْرَأَتْ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ إنَّمَا عَلَى سَيِّدِهَا إذَا كَانَتْ مِمَّنْ تَحِيضُ حَيْضَةً وَاحِدَةً فَهَذَا إنَّمَا هُوَ اسْتِبْرَاءٌ لِيَعْلَمَ بِهِ مَا فِي رَحِمِهَا لَيْسَ هَذِهِ عِدَّةً فَالتِّسْعَةُ الْأَشْهُرُ إذَا مَضَتْ فَقَدْ اُسْتُبْرِئَ رَحِمُهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ، قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. .فِي الْمُطَلَّقَةِ يَخْتَلِطُ عَلَيْهَا الدَّمُ: قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إذَا اخْتَلَطَ عَلَيْهَا بِحَالِ مَا وَصَفْتَ كَانَتْ هَذِهِ مُسْتَحَاضَةً إلَّا أَنْ يَقَعَ مَا بَيْنَ الدَّمَيْنِ مِنْ الطُّهْرِ مَا فِي مِثْلِهِ يَكُونُ طُهْرًا، فَإِذَا وَقَعَ بَيْنَ الدَّمَيْنِ مَا فِي مِثْلِهِ يَكُونُ طُهْرًا اعْتَدَّتْ بِهِ قُرْءًا وَإِنْ اخْتَلَطَ عَلَيْهَا الدَّمُ بِحَالِ مَا وَصَفْتَ وَلَمْ يَقَعْ بَيْنَ الدَّمَيْنِ مَا فِي مِثْلِهِ طُهْرٌ، فَإِنَّهَا تَعْتَدُّ عِدَّةَ الْمُسْتَحَاضَةِ سَنَةً كَامِلَةً ثُمَّ قَدْ حَلَّتْ لِلْأَزْوَاجِ. قَالَ: فَقُلْتُ: وَمَا عِدَّةُ الْأَيَّامِ الَّتِي لَا تَكُونُ بَيْنَ الدَّمَيْنِ طُهْرًا؟ فَقَالَ: سَأَلْتُ مَالِكًا فَقَالَ: الْأَرْبَعَةُ الْأَيَّامِ وَالْخَمْسَةُ وَمَا قَرُبَ فَلَا أَرَى ذَلِكَ طُهْرًا، وَإِنَّ الدَّمَ بَعْضُهُ مِنْ بَعْضٍ إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا مِنْ الطُّهْرِ إلَّا الْأَيَّامُ الْيَسِيرَةُ الْخَمْسَةُ وَنَحْوُهَا. ابْنُ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ: عِدَّةُ الْمُسْتَحَاضَةِ سَنَةٌ كَامِلَةٌ ثُمَّ قَدْ حَلَّتْ لِلْأَزْوَاجِ قَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ وَقَالَ لِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ: عِدَّةُ الْمُسْتَحَاضَةِ سَنَةٌ وَحَدَّثَنِي ابْنُ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ قَالَ: عِدَّةُ الْمُسْتَحَاضَةِ سَنَةٌ. .فِي الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا أَوْ وَاحِدَةً يَمُوتُ زَوْجُهَا وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ: قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ عَلَيْهَا أَنْ تَعْتَدَّ عِدَّةَ الْوَفَاةِ إنَّمَا عَلَيْهَا أَنْ تَعْتَدَّ عِدَّةَ الطَّلَاقِ وَلَهَا الْمِيرَاثُ، قُلْتُ: فَإِنْ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً أَوْ اثْنَيْنِ وَهُوَ صَحِيحٌ أَوْ مَرِيضٌ ثُمَّ مَاتَ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ أَتَنْتَقِلُ إلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَلَهَا الْمِيرَاثُ. ابْنُ وَهْبٍ عَنْ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ بُكَيْرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَهُ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُ قَالَ: يُقَالُ إنَّمَا آخِرُ الْأَجَلَيْنِ أَنْ يُطَلِّقَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ تَطْلِيقَةً أَوْ تَطْلِيقَتَيْنِ ثُمَّ يَمُوتَ قَبْلَ أَنْ تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا مِنْ طَلَاقٍ، فَتَعْتَدُّ مِنْ وَفَاتِهِ، فَأَمَّا الرَّجُلُ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ أَلْبَتَّةَ ثُمَّ يَمُوتُ وَهِيَ فِي عِدَّتِهَا فَإِنَّمَا هِيَ عَلَى عِدَّةِ الطَّلَاقِ. ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ بِذَلِكَ قَالَ عَمْرٌو وَقَالَ يَحْيَى ذَلِكَ أَمْرُ النَّاسِ وَهَذِهِ الْمُطَلَّقَةُ وَاحِدَةً أَوْ اثْنَيْنِ. ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عِيَاضٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ مِثْلُهُ، وَقَالَ: تَرِثُهُ مَا لَمْ تُحَرَّمْ عَلَيْهِ بِثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ أَوْ فِدْيَةٍ، فَإِنْ كَانَتْ حُرِّمَتْ عَلَيْهِ فَلَا مِيرَاثَ لَهَا وَهَذَا فِي طَلَاقِ الصَّحِيحِ. ابْنُ وَهْبٍ قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا إلَّا عِدَّةَ الطَّلَاقِ أَوْ عِدَّةَ الْفِدْيَةِ. قَالَ بُكَيْر وَقَالَ مِثْلَ قَوْلِ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَفِي آخِرِ الْأَجَلَيْنِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ شِهَابٍ. .فِي عِدَّةِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا: قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: مِنْ يَوْمِ مَاتَ الزَّوْجُ، قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَبْلُغْهَا حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا أَيَكُونُ عَلَيْهَا مِنْ الْإِحْدَادِ شَيْءٌ أَمْ لَا؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا إحْدَادَ عَلَيْهَا إذَا لَمْ يَبْلُغْهَا إلَّا مِنْ بَعْدِ مَا تَنْقَضِي عِدَّتُهَا. وَقَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهُوَ غَائِبٌ فَلَمْ يَبْلُغْهَا طَلَاقُهُ حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا: إنَّهُ إنْ ثَبَتَ عَلَى طَلَاقِهِ إيَّاهَا بَيِّنَةٌ كَانَتْ عِدَّتُهَا مِنْ يَوْمِ طَلَّقَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إلَّا قَوْلُهُ لَمْ يُصَدَّقْ وَاسْتَقْبَلَتْ عِدَّتَهَا وَلَا رَجْعَةَ عَلَيْهَا وَمَا أَنْفَقَتْ مِنْ مَالِهِ بَعْدَ مَا طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ تَعْلَمَ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهَا لِأَنَّهُ فَرَّطَ. ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ: تَعْتَدُّ الْمُطَلَّقَةُ وَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا مِنْ يَوْمِ طَلَّقَ وَمِنْ يَوْمِ تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا. ابْنُ وَهْبٍ عَنْ رِجَالٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَابْنِ شِهَابٍ وَابْنِ قُسَيْطٍ وَأَبِي الزِّنَادِ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ مِثْلُهُ قَالَ يَحْيَى وَعَلَى ذَلِكَ عَظُمَ أَمْرُ النَّاسِ. ابْنُ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ بُكَيْرٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُ قَالَ: إذَا قَالَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ قَدْ طَلَّقْتُكِ مُنْذُ كَذَا وَكَذَا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ وَاعْتَدَّتْ مِنْ يَوْمِ يُعْلِمُهَا بِالطَّلَاقِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً، فَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً كَانَ مِنْ يَوْمِ طَلَّقَهَا وَقَالَهُ ابْنُ شِهَابٍ. .بَابُ الْإِحْدَادِ وَإِحْدَادُ النَّصْرَانِيَّةِ: قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا إحْدَادَ عَلَى مُطَلَّقَةٍ مَبْتُوتَةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَ مَبْتُوتَةٍ، وَإِنَّمَا الْإِحْدَادُ عَلَى الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا وَلَيْسَ عَلَى الْمُطَلَّقَةِ شَيْءٌ مِنْ الْإِحْدَادِ سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ أَنَّهُ سَأَلَ رَبِيعَةَ عَنْ الْمُطَلَّقَةِ الْمَبْتُوتَةِ مَا تَجْتَنِبُ مِنْ الْحُلِيِّ وَالطِّيبِ قَالَ: لَا تَجْتَنِبُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ. ابْنُ وَهْبٍ عَنْ رِجَالٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَأَبِي الزِّنَادِ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ مِثْلُهُ وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ تَكْتَحِلُ وَتَتَطَيَّبُ وَتَتَزَيَّنُ تُغِيظُ بِذَلِكَ زَوْجَهَا، قُلْتُ: هَلْ عَلَى النَّصْرَانِيَّةِ إحْدَادٌ فِي الْوَفَاةِ إذَا كَانَتْ تَحْتَ مُسْلِمٍ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، عَلَيْهَا الْإِحْدَادُ كَذَلِكَ قَالَ لِي مَالِكٌ، قُلْتُ: وَلِمَ جَعَلَ مَالِكٌ عَلَيْهَا الْإِحْدَادَ وَهِيَ مُشْرِكَةٌ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إنَّمَا رَأَيْتُ عَلَيْهَا الْإِحْدَادَ لِأَنَّهَا مِنْ أَزْوَاجِ الْمُسْلِمِينَ، فَقَدْ وَجَبَتْ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ لَا إحْدَادَ عَلَيْهَا لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ تُحِدُّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ» قُلْتُ: أَرَأَيْتَ وَالنَّصْرَانِيَّة لَيْسَتْ مُؤْمِنَةً. .إحْدَادُ الْأَمَةِ وَمَا يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تَجْتَنِبَ مِنْ الثِّيَابِ وَالطِّيبِ: قَالَ: نَعَمْ عَلَيْهَا الْإِحْدَادُ، وَتَعْتَدُّ حَيْثُ كَانَتْ تَبِيتُ عِنْدَ زَوْجِهَا وَتَكُونُ النَّهَارُ عِنْدَ أَهْلِهَا اعْتَدَّتْ فِي ذَلِكَ الْمَسْكَنِ الَّذِي كَانَتْ تَبِيتُ فِيهِ مَعَ زَوْجِهَا، وَإِنْ كَانَتْ فِي غَيْرِ مَسْكَنٍ مَعَ زَوْجِهَا وَلَا تَبِيتُ مَعَهُ إنَّمَا كَانَتْ فِي بَيْتِ مَوَالِيهَا وَفِيهِ تَبِيتُ إلَّا أَنَّ زَوْجَهَا يَغْشَاهَا حَيْثُ أَحَبَّ وَلَمْ تَكُنْ مَعَهُ فِي مَسْكَنٍ، فَعَلَيْهَا أَنْ تَعْتَدَّ فِي بَيْتِ مَوَالِيهَا حَيْثُ كَانَتْ تَبِيتُ وَتَكُونُ، وَلَيْسَ لِمَوَالِيهَا أَنْ يَمْنَعُوهَا أَنْ تَعْتَدَّ فِيهِ قَالَ: وَهَذَا مِنْ الْإِحْدَادِ وَلَا مِنْ الْمَبِيتِ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي تَعْتَدُّ فِيهِ، وَإِنْ بَاعُوهَا فَلَا يَبِيعُوهَا إلَّا مِمَّنْ لَا يُخْرِجُهَا مِنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي قَوْلُ مَالِكٍ قَالَ يُونُسُ، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ تَعْتَدُّ فِي بَيْتِهَا الَّذِي طَلُقَتْ فِيهِ قُلْتُ: فَهَلْ يَكُونُ لَهُمْ أَنْ يُخْرِجُوهَا إلَى السُّوقِ لِلْبَيْعِ فِي الْعِدَّةِ بِالنَّهَارِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: سَمِعْتُهُ مِنْ مَالِكٍ؟ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: قَالَ مَالِكٌ: هِيَ تَخْرُجُ فِي حَوَائِجِ أَهْلِهَا بِالنَّهَارِ فَكَيْفَ لَا تَخْرُجُ لِلْبَيْعِ؟ قُلْت: فَإِنْ أَرَادُوا أَنْ يُزَيِّنُوهَا لِلْبَيْعِ؟ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يُلْبِسُوهَا مِنْ الثِّيَابِ الْمُصْبَغَةِ وَلَا مِنْ الْحُلِيِّ شَيْئًا، وَلَا يُطَيِّبُوهَا بِشَيْءٍ مِنْ الطِّيبِ، وَأَمَّا الزَّيْتُ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَلَا يَصْنَعُوا بِهَا مَا لَا يَجُوزُ لِلْحَادِّ أَنْ تَفْعَلَهُ بِنَفْسِهَا. قُلْتُ: فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا بَاعَ أَمَةً وَهِيَ فِي عِدَّةٍ مِنْ وَفَاةِ زَوْجِهَا أَوْ طَلَاقِهِ وَلَمْ يُبَيِّنْ أَتَرَاهُ عَيْبًا فِيهَا؟ قَالَ: نَعَمْ هُوَ عَيْبٌ يَجِبُ بِهِ الرَّدُّ قَالَ: وَلَا بَأْسَ أَنْ يُلْبِسُوهَا مِنْ الثِّيَابِ مَا أَحَبُّوا رَقِيقِهِ وَغَلِيظِهِ، فَقُلْنَا لِمَالِكٍ فِي الْحَادِّ هَلْ تَلْبَسُ الثِّيَابَ الْمُصْبَغَةَ مِنْ هَذِهِ الدُّكْنِ وَالصُّفْرِ وَالْمُصْبَغَاتِ بِغَيْرِ الْوَرْسِ وَالزَّعْفَرَانِ وَالْعُصْفُرِ؟ قَالَ: لَا تَلْبَسُ شَيْئًا مِنْهُ لَا صُوفًا وَلَا قُطْنًا وَلَا كَتَّانًا صُبِغَ بِشَيْءٍ مِنْ هَذَا إلَّا أَنْ تُضْطَرَّ إلَى ذَلِكَ مِنْ بَرْدٍ وَلَا تَجِدَ غَيْرَهُ، وَقَالَ رَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ تَتَّقِي الْأَمَةُ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا مِنْ الطِّيبِ مَا تَتَّقِي الْحُرَّةُ. سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهَ بْنَ عُمَرَ قَالَ: إذَا تُوُفِّيَ عَنْ الْمَرْأَةِ زَوْجُهَا لَمْ تَكْتَحِلْ وَلَمْ تُطَيِّبْ وَلَمْ تَخْتَضِبْ، وَلَمْ تَلْبَسْ الْمُعَصْفَرَ وَلَمْ تَلْبَسْ ثَوْبًا مَصْبُوغًا إلَّا بَرْدًا وَلَا تَتَزَيَّنُ بِحُلِيٍّ وَلَا تَلْبَسُ شَيْئًا تُرِيدُ بِهِ الزِّينَةَ حَتَّى تَحِلَّ، وَبَعْضُهُمْ يَزِيدُ عَلَى بَعْضِ رِجَالٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَعَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَابْنِ شِهَابٍ وَرَبِيعَةَ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا لَا تَلْبَسُ حُلِيًّا وَلَا ثَوْبًا صُبِغَ بِشَيْءٍ مِنْ الصِّبَاغِ. وَقَالَ عُرْوَةُ: لَا أَنْ تَصْبُغَهُ بِسَوَادٍ، وَقَالَ عَطَاءٌ: لَا تَمَسَّ بِيَدِهَا طِيبًا مَسِيسًا. وَقَالَ رَبِيعَةُ: تَتَّقِي الطِّيبَ كُلَّهُ وَتَحْذَرُ مِنْ اللِّبَاسِ مَا فِيهِ طِيبٌ وَتَتَّقِي شُهْرَةَ الثِّيَابِ وَلَا تُحَنِّطُ بِالطِّيبِ مَيِّتًا، قَالَ رَبِيعَةُ: وَلَا أَعْلَمُ الْآنَ عَلَى الصَّبِيَّةِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا أَنْ تَجْتَنِبَ ذَلِكَ. قُلْتُ: فَهَلْ كَانَ مَالِكٌ يَرَى عَصْبَ الْيَمَنِ بِمَنْزِلَةِ هَذَا الْمَصْبُوغِ بِالدُّكْنَةِ وَالْحُمْرَةِ وَالْخُضْرَةِ وَالصُّفْرَةِ أَمْ يَجْعَلُ عَصْبَ الْيَمَنِ مُخَالِفًا لِهَذَا؟ قَالَ: رَقِيقُ عَصْبِ الْيَمَنِ بِمَنْزِلَةِ هَذِهِ الثِّيَابِ الْمُصْبَغَةِ، وَأَمَّا غَلِيظُ عَصْبِ الْيَمَنِ فَإِنَّ مَالِكًا وَسَّعَ فِيهِ وَلَمْ يَرَهُ بِمَنْزِلَةِ الْمَصْبُوغِ سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَنَّهَا قَالَتْ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَحِلُّ لِمُؤْمِنَةٍ تُحِدُّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ إلَّا عَلَى زَوْجٍ فَإِنَّهَا تَعْتَدُّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا لَا تَلْبَسُ مُعَصْفَرًا وَلَا تَقْرَبُ طِيبًا وَلَا تَكْتَحِلُ وَلَا تَلْبَسُ حُلِيًّا وَتَلْبَسُ إنْ شَاءَتْ ثِيَابَ الْعَصْبِ». قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الصَّبِيَّةَ الصَّغِيرَةَ هَلْ عَلَيْهَا إحْدَادٌ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. .عِدَّةُ الْأَمَةِ وَأُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُكَاتَبَةِ وَالْمُدَبَّرَةِ مِنْ الْوَفَاةِ وَإِحْدَادِهِنَّ: قَالَ: نَعَمْ، فِي قَوْلِ مَالِكٍ إلَّا أَنَّ أَمَدَ عِدَّةِ الْحُرَّةِ مَا قَدْ عَلِمْتَ، وَأَمَدَ عِدَّةِ الْأَمَةِ مَا قَدْ عَلِمْتَ عَلَى النِّصْفِ مِنْ عِدَّةِ الْحَرَائِرِ، وَأُمُّ الْوَلَدِ وَالْمُكَاتَبَةُ بِمَنْزِلَةِ الْأَمَةِ فِي أَمْرِ عِدَّتِهَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قُلْت: أَرَأَيْتَ الْحَادَّ هَلْ تَلْبَسُ الْحُلِيَّ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا وَلَا خَاتَمًا وَلَا خَلْخَالَيْنِ وَلَا سِوَارًا وَلَا قُرْطًا. قَالَ مَالِكٌ: وَلَا تَلْبَسُ خَزًّا وَلَا حَرِيرًا مَصْبُوغًا وَلَا ثَوْبًا مَصْبُوغًا بِزَعْفَرَانٍ وَلَا عُصْفُرٍ وَلَا خُضْرَةٍ وَلَا غَيْرَ ذَلِكَ قَالَ: فَقُلْنَا لِمَالِكٍ: فَهَذِهِ الْجِبَابُ الَّتِي يَلْبَسُهَا النَّاسُ لِلشِّتَاءِ الَّتِي تُصْبَغُ بِالدُّكْنِ وَالْخُضْرِ وَالصُّفْرِ وَالْحُمْرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ هَلْ تَلْبَسُهُ الْحَادُّ؟ قَالَ: مَا يُعْجِبُنِي أَنْ تَلْبَسَ الْحَادُّ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ إلَّا أَنْ لَا تَجِدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَتُضْطَرَّ إلَيْهِ. قَالَ مَالِكٌ: وَلَا خَيْرَ فِي الْعَصْبِ إلَّا الْغَلِيظِ مِنْهُ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ. قَالَ مَالِكٌ: وَلَا بَأْسَ أَنْ تَلْبَسَ مِنْ الْحَرِيرِ الْأَبْيَضَ. قُلْتُ: فَهَلْ تَدْهُنُ الْحَادَّةُ رَأْسَهَا بِالزِّئْبَقِ أَوْ بِالْخُبْزِ أَوْ بِالْبَنَفْسَجِ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا تَدْهُنُ الْحَادُّ إلَّا بِالْخَلِّ الشَّيْرَجِ أَوْ بِالزَّيْتِ وَلَا تَدْهُنُ بِشَيْءٍ مِنْ الْأَدْهَانِ الْمُزَيِّنَةِ. قَالَ مَالِكٌ: وَلَا تَمْتَشِطُ بِشَيْءٍ مِنْ الْحِنَّاءِ وَلَا الْكَتَمِ وَلَا شَيْءٍ مِمَّا يَخْتَمِرُ فِي رَأْسِهَا. قَالَ مَالِكٌ: إنَّ أُمَّ سَلَمَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ تَقُولُ: تَجْمَعُ الْحَادُّ رَأْسَهَا بِالسِّدْرِ قَالَ: وَسُئِلَتْ أُمُّ سَلَمَةَ أَتَمْتَشِطُ بِالْحِنَّاءِ؟ فَقَالَتْ: لَا وَنَهَتْ عَنْهُ قَالَ مَالِكٌ: وَلَا بَأْسَ أَنْ تَمْتَشِطَ بِالسِّدْرِ وَمَا أَشْبَهَهُ مِمَّا لَا يَخْتَمِرُ فِي رَأْسِهَا. قُلْتُ: فَهَلْ تَلْبَسُ الْحَادُّ الْبَيَاضَ الْجَيِّدَ الرَّقِيقَ مِنْهُ؟ فَقَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَقُلْنَا لِمَالِكٍ: فَهَلْ تَلْبَسُ الْحَادُّ الشَّطَوِيَّ وَالْقَصِيَّ وَالْفَرْقِيَّ وَالرَّقِيقَ مِنْ الثِّيَابِ؟ فَلَمْ يَرَ بِذَلِكَ بَأْسًا وَوَسَّعَ فِي الْبَيَاضِ كُلِّهِ لِلْحَادِّ رَقِيقِهِ وَغَلِيظِهِ، قُلْتُ: أَرَأَيْت الْحَادَّ أَتَكْتَحِلُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ لِغَيْرِ زِينَةٍ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا تَكْتَحِلُ الْحَادُّ إلَّا أَنْ تُضْطَرَّ إلَى ذَلِكَ، فَإِنْ اُضْطُرَّتْ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ وَإِنْ كَانَ فِيهِ طِيبٌ وَدِينُ اللَّهِ يُسْرٌ. قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْحَادَّ إذَا لَمْ تَجِدْ إلَّا ثَوْبًا مَصْبُوغًا أَتَلْبَسُهُ وَلَا تَنْوِي بِهِ الزِّينَةَ أَمْ لَا تَلْبَسُهُ؟ قَالَ: إذَا كَانَتْ فِي مَوْضِعٍ تَقْدِرُ عَلَى بَيْعِهِ وَالِاسْتِبْدَالِ بِهِ لَمْ أَرَ لَهَا أَنْ تَلْبَسَهُ، وَإِنْ كَانَتْ فِي مَوْضِعٍ لَا تَجِدُ الْبَدَلَ فَلَا بَأْسَ أَنْ تَلْبَسَهُ إذَا اُضْطُرَّتْ إلَيْهِ لِعُرْيٍ يُصِيبُهَا وَهَذَا رَأْيِي لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ فِي الْمَصْبُوغِ كُلِّهِ الْجِبَابِ وَالْكَتَّانِ وَالصُّوفِ الْأَخْضَرِ وَالْأَحْمَرِ وَالْأَصْفَرِ: إنَّهَا لَا تَلْبَسُهُ إلَّا أَنْ تُضْطَرَّ لَهُ، فَمَعْنَى الضَّرُورَةِ إلَى ذَلِكَ إذَا لَمْ تَجِدْ الْبَدَلَ، فَإِنْ كَانَتْ فِي مَوْضِعٍ تَجِدُ الْبَدَلَ فَلَيْسَتْ مُضْطَرَّةً إلَيْهِ. سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَاللَّيْثِ أَنَّ نَافِعًا حَدَّثَهُمْ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ حَدَّثَتْهُ عَنْ حَفْصَةَ أَوْ عَائِشَةَ أَوْ عَنْ كِلْتَيْهِمَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَرَسُولِهِ أَوْ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ تُحِدُّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ إلَّا عَلَى زَوْجِهَا». سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ نَافِعٍ أَنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ أَخْبَرَتْهُ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ الثَّلَاثَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا دَخَلَتْ عَلَى أُمِّ حَبِيبَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ تُوُفِّيَ أَبُو سُفْيَانَ أَبُوهَا فَدَعَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ بِطِيبٍ فِيهِ صُفْرَةٌ خَلُوقٌ أَوْ غَيْرُهُ فَدَهَنَتْ مِنْهُ جَارِيَةً ثُمَّ مَسَّتْ بِعَارِضَيْهَا، ثُمَّ قَالَتْ: وَاَللَّهِ مَا لِي بِالطِّيبِ مِنْ حَاجَةٍ غَيْرَ أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ تُحِدُّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ إلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا». قَالَ حُمَيْدٌ: قَالَتْ زَيْنَبُ: ثُمَّ دَخَلْتُ عَلَى زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ حِين تُوُفِّيَ أَخُوهَا فَدَعَتْ بِالطِّيبِ فَمَسَّتْ مِنْهُ ثُمَّ قَالَتْ: أَمَا وَاَللَّهِ مَا لِي حَاجَةٌ بِالطِّيبِ غَيْرَ أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ: «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ تُحِدُّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ إلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا». قَالَ حُمَيْدٌ: قَالَتْ زَيْنَبُ: سَمِعْتُ أُمِّي أُمَّ سَلَمَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَقُولُ: «جَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ ابْنَتِي تُوُفِّيَ زَوْجُهَا وَقَدْ اشْتَكَتْ عَيْنَهَا أَفَنُكَحِّلُهَا؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا، قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّهَا قَدْ اشْتَكَتْ عَيْنَهَا أَفَنُكَحِّلُهَا؟ قَالَ: لَا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا كُلَّ ذَلِكَ يَقُولُ لَا. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إنَّمَا هِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ وَقَدْ كَانَتْ إحْدَاكُنَّ فِي الْجَاهِلِيَّةِ تَرْمِي بِالْبَعْرَةِ عَلَى رَأْسِ الْحَوْلِ». قَالَ حُمَيْدٌ: فَقُلْتُ لِزَيْنَبِ: وَمَا تَرْمِي بِالْبَعْرَةِ عَلَى رَأْسِ الْحَوْلِ؟ فَقَالَتْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إذَا مَاتَ زَوْجُهَا دَخَلَتْ حِفْشًا وَلَبِسَتْ شَرَّ ثِيَابِهَا وَلَمْ تَمَسَّ طِيبًا وَلَا شَيْئًا حَتَّى تَمُرَّ بِهَا سَنَةٌ، ثُمَّ تُؤْتَى بِدَابَّةٍ حِمَارٍ أَوْ شَاةٍ أَوْ طَائِرٍ فَتَفْتَضُّ بِهِ فَقَلَّمَا تَفْتَضُّ بِشَيْءٍ إلَّا مَاتَ ثُمَّ تَخْرُجُ فَتُعْطَى بَعْرَةً فَتَرْمِي بِهَا مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِهَا ثُمَّ تُرَاجِعُ بَعْدُ مَا شَاءَتْ مِنْ الطِّيبِ وَغَيْرِهِ. .الْإِحْدَادُ فِي عِدَّةِ النَّصْرَانِيَّةِ وَالْإِمَاءِ مِنْ الْوَفَاةِ وَامْرَأَةِ الذِّمِّيِّ: قَالَ: سَأَلْنَا مَالِكًا عَنْهَا فَقَالَ: نَعَمْ، عَلَيْهَا الْإِحْدَادُ لِأَنَّ عَلَيْهَا الْعِدَّةَ قَالَ مَالِكٌ: هِيَ مِنْ الْأَزْوَاجِ وَهِيَ تُجْبَرُ عَلَى الْعِدَّةِ. قُلْتُ: وَكَذَلِكَ الْمُدَبَّرَةُ وَالْأَمَةُ وَأُمُّ الْوَلَدِ وَالصَّبِيَّةُ الصَّغِيرَةُ إذَا مَاتَ عَنْهُنَّ أَزْوَاجُهُنَّ هَلْ عَلَيْهِنَّ الْإِحْدَادُ مِثْلَ مَا عَلَى الْحُرَّةِ الْكَبِيرَةِ الْمُسْلِمَةِ الْبَالِغَةِ؟ قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: عَلَيْهِنَّ الْإِحْدَادُ مِثْلَ مَا عَلَى الْمُسْلِمَةِ الْحُرَّةِ الْبَالِغَةِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ امْرَأَةَ الذِّمِّيِّ إذَا مَاتَ عَنْهَا زَوْجُهَا وَقَدْ دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا أَعْلَيْهَا عِدَّةٌ أَمْ لَا؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إنْ أَرَادَ الْمُسْلِمُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا الذِّمِّيُّ فَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا، وَلْيَتَزَوَّجْهَا إنْ أَحَبَّ مَكَانَهُ. قَالَ: وَلَمْ يَرَ مَالِكٌ أَنَّ لَهَا عِدَّةً فِي الْوَفَاةِ وَلَا فِي الطَّلَاقِ إنْ كَانَ قَدْ دَخَلَ عَلَيْهَا زَوْجُهَا إلَّا أَنَّ عَلَيْهَا الِاسْتِبْرَاءَ ثَلَاثَ حِيَضٍ ثُمَّ تُنْكَحُ. ابْنُ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ سَمِعَ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ يُخْبِرُ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ أَخْبَرَتْهُ بِأَنَّ أُمَّهَا أُمَّ سَلَمَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ أَخْبَرَتْهَا أَنَّ ابْنَةَ نُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْعَدَوِيِّ: «أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: إنَّ ابْنَتِي تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا وَكَانَتْ تَحْتَ الْمُغِيرَةِ الْمَخْزُومِيِّ وَهِيَ مُحِدٌّ وَهِيَ تَشْتَكِي عَيْنَيْهَا أَفَتَكْتَحِلُ؟ قَالَ: لَا، ثُمَّ صَمَتَتْ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَتْ ذَلِكَ أَيْضًا وَقَالَتْ إنَّهَا تَشْتَكِي عَيْنَيْهَا فَوْقَ مَا تَظُنُّ أَفَتَكْتَحِلُ؟ قَالَ: لَا، ثُمَّ قَالَ: لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمَةٍ أَنْ تُحِدَّ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ إلَّا عَلَى زَوْجٍ ثُمَّ قَالَ: أَوَلَسْتُنَّ كُنْتُنَّ فِي الْجَاهِلِيَّةِ تُحِدُّ الْمَرْأَةُ سَنَةً تُجْعَلُ فِي بَيْتٍ وَحْدَهَا عَلَى دِينِهَا لَيْسَ مَعَهَا أَحَدٌ لَا تُطْعَمُ وَتُسْقَى حَتَّى إذَا كَانَ رَأْسُ السَّنَةِ أُخْرِجَتْ ثُمَّ أُتِيَتْ بِكَلْبٍ أَوْ دَابَّةٍ فَإِذَا أَمْسَكَتْهَا مَاتَتْ الدَّابَّةُ فَخَفَّفَ اللَّهُ ذَلِكَ عَنْكُنَّ وَجَعَلَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا». قال سَحْنُونٌ: فَلَمَّا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمَةٍ» فَالْأَمَةُ مِنْ الْمُسْلِمَاتِ وَهِيَ ذَاتُ زَوْجٍ. .فِي عِدَّةِ الْإِمَاءِ: قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: تَبْنِي عَلَى عِدَّتِهَا وَلَا تَنْتَقِلُ إلَى عِدَّةِ الْحَرَائِرِ، قُلْتُ: وَسَوَاءٌ كَانَ الطَّلَاقُ يُمْلَكُ فِيهِ الرَّجْعَةُ أَمْ لَا؟ قَالَ: نَعَمْ، ذَلِكَ سَوَاءٌ عِنْدَ مَالِكٍ تَبْنِي وَلَا تَنْتَقِلُ إلَى عِدَّةِ الْحَرَائِرِ، قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْأَمَةَ إذَا مَاتَ عَنْهَا زَوْجُهَا فَلَمَّا اعْتَدَّتْ شَهْرًا أَوْ شَهْرَيْنِ أَعْتَقَهَا سَيِّدُهَا أَتَنْتَقِلُ إلَى عِدَّةِ الْحَرَائِرِ أَمْ تَبْنِي عَلَى عِدَّةِ الْإِمَاءِ وَكَيْفَ هَذَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: تَبْنِي عَلَى عِدَّتِهَا وَلَا تَرْجِعُ إلَى عِدَّةِ الْحَرَائِرِ. .فِي عِدَّةِ أُمِّ الْوَلَدِ: قَالَ مَالِكٌ: عِدَّتُهَا إذَا تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا أَوْ طَلَّقَهَا بِمَنْزِلَةِ عِدَّةِ الْأَمَةِ، قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ كَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ لِرَجُلٍ زَوَّجَهَا مِنْ رَجُلٍ فَهَلَكَ الزَّوْجُ وَالسَّيِّدُ وَلَا يُعْلَمُ أَيُّهُمَا هَلَكَ أَوَّلًا؟ قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِي هَذَا شَيْئًا وَأَرَى أَنْ تَعْتَدَّ بِأَكْثَرَ الْعِدَّتَيْنِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا مَعَ حَيْضَةٍ فِي ذَلِكَ لَا بُدَّ مِنْهَا. سَحْنُونٌ وَهَذَا إذَا كَانَ بَيْنَ الْمَوْتَتَيْنِ أَكْثَرُ مِنْ شَهْرَيْنِ وَخَمْسِ لَيَالٍ وَإِنْ كَانَ بَيْنَ الْمَوْتَيْنِ أَقَلُّ مِنْ شَهْرَيْنِ وَخَمْسِ لَيَالٍ اعْتَدَّتْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا. قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ جُهِلَ ذَلِكَ فَلَمْ يُعْلَمْ أَيُّهُمَا مَاتَ أَوَّلًا الزَّوْجُ أَمْ السَّيِّدُ أَتُوَرِّثُهَا مِنْ زَوْجِهَا أَمْ لَا؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا مِيرَاثَ لَهَا مِنْ زَوْجِهَا حَتَّى يُعْلَمَ أَنَّ سَيِّدَهَا مَاتَ قَبْلَ زَوْجِهَا. ابْنُ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ وَزَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ قَالُوا: طَلَاقُ الْعَبْدِ تَطْلِيقَتَانِ إنْ كَانَتْ امْرَأَتُهُ حُرَّةً أَوْ أَمَةً، وَعِدَّةُ الْأَمَةِ حَيْضَتَانِ إنْ كَانَ زَوْجُهَا عَبْدًا أَوْ حُرًّا وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَابْنُ الْمُسَيِّبِ وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عِدَّةُ الْأَمَةِ حَيْضَتَانِ وَقَالَ. سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ وَابْنُ قُسَيْطٍ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ عِدَّةُ الْأَمَةِ إذَا تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا شَهْرَانِ وَخَمْسُ لَيَالٍ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ عِدَّةَ أُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُكَاتَبَةِ وَالْمُدَبَّرَةِ إذَا طَلَّقَهُنَّ أَزْوَاجُهُنَّ أَوْ مَاتُوا عَنْهُنَّ كَمْ عِدَّتُهُنَّ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: بِمَنْزِلَةِ عِدَّةِ الْأَمَةِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ. .فِي أُمِّ الْوَلَدِ يَمُوتُ عَنْهَا سَيِّدُهَا أَوْ يُعْتِقُهَا: قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: عِدَّتُهَا حَيْضَةٌ قَالَ: فَقُلْتُ لِمَالِكٍ: فَإِنْ هَلَكَ وَهِيَ فِي دَمِ حَيْضَتِهَا؟ قَالَ: لَا يُجْزِئُهَا ذَلِكَ إلَّا بِحَيْضَةٍ أُخْرَى. قَالَ: فَقُلْتُ لِمَالِكٍ: فَلَوْ كَانَ غَابَ عَنْهَا زَمَانًا أَوْ حَاضَتْ حِيَضًا كَثِيرَةً ثُمَّ هَلَكَ فِي غِيبَتِهِ؟ قَالَ: لَا يُجْزِئُهَا حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً بَعْدَ وَفَاتِهِ وَلَوْ كَانَ يُجْزِئُ ذَلِكَ أُمَّ الْوَلَدِ لَأَجْزَأَ الْحُرَّةَ إذَا حَاضَتْ حِيَضًا كَثِيرَةً وَزَوْجُهَا غَائِبٌ فَطَلَّقَهَا، وَإِنَّمَا جَاءَ الْحَدِيثُ عِدَّةُ أُمِّ الْوَلَدِ حَيْضَةٌ إذَا هَلَكَ عَنْهَا سَيِّدُهَا فَإِنَّمَا تَكُونُ هَذِهِ الْحَيْضَةُ بَعْدَ الْوَفَاةِ كَانَ غَائِبًا أَوْ اعْتَزَلَهَا أَوْ هِيَ عِنْدَهُ أَوْ مَاتَ وَهِيَ حَائِضٌ فَذَلِكَ كُلُّهُ لَا يُجْزِئُهَا إلَّا أَنْ تَحِيضَ حَيْضَةً بَعْدَ مَوْتِهِ. قُلْتُ: مَا فَرْقٌ بَيْنَ أُمِّ الْوَلَدِ فِي الِاسْتِبْرَاءِ وَبَيْنَ الْأَمَةِ وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الْأَمَةِ إذَا اشْتَرَاهَا الرَّجُلُ فِي أَوَّلِ الدَّمِ أَجْزَأَتْهَا تِلْكَ الْحَيْضَةُ، فَمَا بَالُ اسْتِبْرَاءِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ إذَا مَاتَ عَنْهُنَّ سَادَاتُهُنَّ وَهُنَّ كَذَلِكَ لَا يُجْزِئُهُنَّ مِثْلُ مَا يُجْزِئُ هَذِهِ الْأَمَةَ الَّتِي اُشْتُرِيَتْ؟ قَالَ: لِأَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ قَدْ اخْتَلَفُوا فِيهَا، فَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ عَلَيْهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ ثَلَاثُ حِيَضٍ وَلَيْسَتْ الْأَمَةُ بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ لِأَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ هَهُنَا عَلَيْهَا الْعِدَّةُ وَعِدَّتُهَا هَذِهِ الْحَيْضَةُ بِمَنْزِلَةِ مَا تَكُونُ عِدَّةُ الْحَرَائِرِ ثَلَاثَ حِيَضٍ وَكَذَلِكَ هَذَا أَيْضًا. قُلْتُ: أَرَأَيْتَ أُمَّ الْوَلَدِ إذَا كَانَتْ لَا تَحِيضُ فَأَعْتَقَهَا سَيِّدُهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا؟ قَالَ مَالِكٌ: عِدَّتُهَا ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ أُمَّ الْوَلَدِ إذَا زَوَّجَهَا سَيِّدُهَا فَمَاتَ عَنْهَا سَيِّدُهَا أَيَكُونُ عَلَى زَوْجِهَا أَنْ يَسْتَبْرِئَ أَوْ يَصْنَعَ بِهَا مَا شَاءَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: لَا قُلْتُ: أَيَكُونُ لِلسَّيِّدِ أَنْ يُزَوِّجَ أُمَّ وَلَدِهِ أَوْ جَارِيَةً كَانَ يَطَؤُهَا قَبْلَ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا. قَالَ مَالِكٌ: وَلَا يَجُوزُ النِّكَاحُ إلَّا نِكَاحٌ يَجُوزُ فِيهِ الْوَطْءُ، إلَّا فِي الْحَيْضِ أَوْ مَا أَشْبَهَهُ، فَإِنَّ الْحَيْضَ يَجُوزُ النِّكَاحُ فِيهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا وَكَذَلِكَ دَمُ النِّفَاسِ. قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ زَوَّجَ أُمَّ وَلَدِهِ ثُمَّ مَاتَ الزَّوْجُ عَنْهَا؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: تَعْتَدُّ عِدَّةَ الْوَفَاةِ مِنْ زَوْجِهَا شَهْرَيْنِ وَخَمْسَةَ أَيَّامٍ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا غَيْرَ ذَلِكَ قُلْتُ: فَإِنْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا مِنْ زَوْجِهَا فَلَمْ يُصِبْهَا سَيِّدُهَا حَتَّى مَاتَ السَّيِّدُ، هَلْ عَلَيْهَا حَيْضَةٌ أَمْ لَا؟ هَلْ هِيَ بِمَنْزِلَةِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ إذَا هَلَكَ عَنْهُنَّ سَادَاتُهُنَّ أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ فِي هَذَا مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ شَيْئًا إلَّا أَنِّي أَرَى أَنَّ عَلَيْهَا الْعِدَّةَ بِحَيْضَةٍ وَإِنْ كَانَ سَيِّدُهَا بِبَلَدٍ غَائِبًا يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَقْدَمُ الْبَلَدَ الَّذِي هِيَ فِيهِ، فَأَرَى الْعِدَّةَ بِحَيْضَةٍ عَلَيْهَا وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ عِنْدِي أَنْ لَوْ أَنَّ زَوْجَهَا هَلَكَ عَنْهَا ثُمَّ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا ثُمَّ أَتَتْ بَعْدَ ذَلِكَ بِوَلَدٍ ثُمَّ زَعَمَتْ أَنَّهُ مِنْ سَيِّدِهَا رَأَيْتُ أَنْ يُلْحَقَ بِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ يَدَّعِي السَّيِّدُ أَنَّهُ لَمْ يَطَأْهَا بَعْدَ الزَّوْجِ فَيَبْرَأُ، فَذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ كَانَتْ عِنْدَهُ فَجَاءَتْ بِوَلَدِهَا فَانْتَفَى مِنْهُ وَادَّعَى الِاسْتِبْرَاءَ، وَلَوْ أَنَّ أُمَّ وَلَدِ رَجُلٍ هَلَكَ عَنْهَا زَوْجُهَا فَاعْتَدَّتْ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَانْتَقَلَتْ إلَى سَيِّدِهَا ثُمَّ مَاتَ سَيِّدُهَا عَنْهَا فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ بَعْدَ ذَلِكَ لِمَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ مِنْ سَيِّدِهَا. قَالَ: إذَا ادَّعَتْ أَنَّهُ مِنْهُ لَحِقَ بِهِ لِأَنَّهَا أُمُّ وَلَدِهِ وَقَدْ أَغْلَقَ عَلَيْهَا بَابَهُ وَخَلَا بِهَا إلَّا أَنْ يَقُولَ السَّيِّدُ: لَمْ أَمَسَّهَا بَعْدَ مَوْتِ زَوْجِهَا فَلَا يُلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ. .فِي أُمِّ الْوَلَدِ هَلْ لَهَا أَنْ تُوَاعِدَ أَحَدًا فِي الْعِدَّةِ أَوْ تَبِيتَ عَنْ بَيْتِهَا: قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: حَيْضَةٌ، فَقُلْتُ لِمَالِكٍ: فَهَلْ عَلَيْهَا إحْدَادٌ فِي وَفَاةِ سَيِّدِهَا؟ قَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ عَلَيْهَا حِدَادٌ. قَالَ مَالِكٌ: وَلَا أُحِبُّ لَهَا أَنْ تُوَاعِدَ أَحَدًا يَنْكِحُهَا حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَتَهَا فَقُلْتُ فَهَلْ تَبِيتُ عَنْ بَيْتِهَا؟ قَالَ: بَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: لَا تَبِيتُ إلَّا فِي بَيْتِهَا. قُلْتُ: أَرَأَيْتَ أُمَّ الْوَلَدِ إذَا مَاتَ عَنْهَا سَيِّدُهَا فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ بَعْدَ مَوْتِهِ لِمِثْلِ مَا تَلِدُ لَهُ النِّسَاءُ أَيَلْزَمُ ذَلِكَ الْوَلَدُ سَيِّدَهَا أَمْ لَا؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يَلْزَمُ ذَلِكَ الْوَلَدُ سَيِّدَهَا. .(فِي الْأَمَة يَمُوتُ عَنْهَا سَيِّدُهَا فَتَأْتِي بِوَلَدٍ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ): قُلْت: وَكُلُّ وَلَدٍ جَاءَتْ بِهِ أُمُّ وَلَدِ الرَّجُلِ أَوْ أَمَةٌ لِرَجُلٍ أَقَرَّ بِوَطْئِهَا وَهُوَ حَيٌّ لَمْ يَمُتْ فَالْوَلَدُ لَازِمٌ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْتَفِيَ مِنْهُ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الِاسْتِبْرَاءَ فَيَنْتَفِيَ مِنْهُ، قُلْتُ: وَلَا يَكُونُ عَلَيْهِ اللِّعَانُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، كَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ قُلْتُ: وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ بِوَطْءِ أَمَتِهِ ثُمَّ مَاتَ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ لِمِثْلِ مَا تَلِدُ لَهُ النِّسَاءُ جَعَلْتُهُ ابْنَ الْمَيِّتِ وَجَعَلْتَهَا بِهِ أُمَّ وَلَدٍ؟ وَقَالَ: نَعَمْ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ. قُلْتُ: وَكَذَلِكَ إنْ أَعْتَقَ جَارِيَةً قَدْ كَانَ وَطِئَهَا أَوْ أَعْتَقَ أُمَّ وَلَدِهِ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ لِمِثْلِ مَا تَلِدُ لَهُ النِّسَاءُ مِنْ يَوْمِ أَعْتَقَهَا أَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ الْوَلَدُ أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: يَلْزَمُهُ الْوَلَدُ عِنْدَ مَالِكٍ إذَا وَلَدَتْ لِمِثْلِ مَا تَلِدُ لَهُ النِّسَاءُ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ اسْتَبْرَأَ قَبْلَ أَنْ تَعْتِقَ فَلَا يَلْزَمُهُ الْوَلَدُ وَلَا يَكُونُ بَيْنَهُمَا اللِّعَانُ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ قُلْتُ: وَلِمَ دَفَعَ مَالِكٌ اللِّعَانَ فِيمَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ وَالِدِ الصَّبِيِّ وَهَذِهِ حُرَّةٌ؟ فَقَالَ: لِأَنَّ هَذَا الْحَمْلَ لَيْسَ مِنْ نِكَاحٍ إنَّمَا هَذَا حَبَلُ مِلْكِ يَمِينٍ وَلَيْسَ فِي حَبَلِ مِلْكِ الْيَمِينِ لِعَانٌ فِي قَوْلِ مَالِكٍ إنَّمَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَنْتَفِيَ مِنْهُ بِلَا لِعَانٍ وَذَلِكَ إذَا ادَّعَى الِاسْتِبْرَاءَ. مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ حَدَّثَهُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: عِدَّةُ أُمِّ الْوَلَدِ إذَا هَلَكَ عَنْهَا سَيِّدُهَا حَيْضَةٌ. قَالَ مَالِكٌ: قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَقَالَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ: عِدَّتُهَا حَيْضَةٌ إذَا تُوُفِّيَ عَنْهَا سَيِّدُهَا. أَشْهَبُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سُلَيْمٍ أَنَّ هِشَامَ بْنَ حَسَّانَ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ الْحَسَنَ الْبَصْرِيَّ يَقُولُ عِدَّةُ السُّرِّيَّةِ حَيْضَةٌ إذَا مَاتَ عَنْهَا سَيِّدُهَا وَأَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ قَالَ: تَسْتَبْرِئُ الْأَمَةُ رَحِمَهَا إذَا مَاتَ عَنْهَا سَيِّدُهَا بِحَيْضَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَدَتْ مِنْهُ أَوْ لَمْ تَلِدْ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ قَالَ: فِي عِدَّةِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ مِنْ وَفَاةِ سَادَاتِهِنَّ مَا كُنَّ نَعْلَمُ لَهُنَّ عِدَّةً إلَّا الِاسْتِبْرَاءَ، وَقَدْ بَلَغْنَا مَا بَلَغَكَ وَلَا نَعْلَمُ الْجَمَاعَةَ إلَّا عَلَى الِاسْتِبْرَاءِ أَشْهَبُ عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ. قَالَ نَافِعٌ: وَقَدْ أَعْتَقَ ابْنُ عُمَرَ أُمَّ وَلَدٍ فَلَمَّا حَاضَتْ حَيْضَةً زَوَّجَهَا قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ: عِدَّةُ أُمِّ الْوَلَدِ مِنْ سَيِّدِهَا إذَا مَاتَ عَنْهَا حَيْضَةٌ إلَّا أَنْ تَكُونَ حَامِلًا فَحَتَّى تَضَعَ، وَإِنْ أَعْتَقَهَا فَحَيْضَةٌ. .فِي الرَّجُلِ يُوَاعِدُ الْمَرْأَةَ فِي عِدَّتِهَا: قَالَ: فَهَذَا التَّعْرِيضُ لَا بَأْسَ بِهِ قَالَهُ ابْنُ شِهَابٍ وَابْنُ قُسَيْطٍ وَعَطَاءٌ وَمُجَاهِدٌ وَغَيْرُهُمْ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا بَأْسَ أَنْ يُهْدِيَ لَهَا. سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو وَعَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ أَيُوَاعِدُ وَلِيَّهَا بِغَيْرِ عِلْمِهَا فَإِنَّهَا مَالِكَةٌ لِأَمْرِهَا؟ قَالَ: أَكْرَهُهُ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ فِي الْمَرْأَةِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا الَّتِي يُوَاعِدُهَا الرَّجُلُ فِي عِدَّتِهَا ثُمَّ تَتِمُّ لَهُ قَالَ: خَيْرٌ لَهُ أَنْ يُفَارِقَهَا. قَالَ ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَخْطُبُ الْمَرْأَةَ فِي عِدَّتِهَا جَاهِلًا بِذَلِكَ وَيُسَمِّي الصَّدَاقَ وَيُوَاعِدُهَا قَالَ: فِرَاقُهَا أَحَبُّ إلَيَّ دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا، وَتَكُونُ تَطْلِيقَةً وَاحِدَةً مِنْ غَيْرِ أَنْ يُسْتَثْنَى فِيمَا بَيْنَهُمَا ثُمَّ يَدَعُهَا حَتَّى تَحِلَّ، ثُمَّ يَخْطُبَهَا مَعَ الْخُطَّابِ وَقَالَ أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ فِي الَّذِي يُوَاعِدُ فِي الْعِدَّةِ ثُمَّ يَتَزَوَّجُ بَعْدَ الْعِدَّةِ أَنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا دَخَلَ بِهَا أَمْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا. .عِدَّةُ الْمُطَلَّقَةِ تَتَزَوَّجُ فِي عِدَّتِهَا: قُلْتُ: هَلْ يَكُونُ لِلزَّوْجِ الْأَوَّلِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا فِي عِدَّتِهَا مِنْ الْآخَرِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ إنْ كَانَتْ قَدْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا مِنْ الْأَوَّلِ؟ قَالَ: لَا، قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْمَرْأَةَ يُطَلِّقُهَا زَوْجُهَا طَلَاقًا يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ فَتَتَزَوَّجُ فِي عِدَّتِهَا فَيُرَاجِعُهَا زَوْجُهَا الْأَوَّلُ فِي الْعِدَّةِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْآخَرِ أَوْ بَعْدَ مَا فُرِّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْآخَرِ؟ قَالَ: قَالَ لِي مَالِكٌ: رَجْعَةُ الزَّوْجِ إذَا رَاجَعَهَا وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ رَجْعَةٌ وَتَزْوِيجُ الْآخَرِ بَاطِلٌ لَيْسَ بِشَيْءٍ إذَا كَانَتْ لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا مِنْهُ إلَّا أَنَّ الزَّوْجَ إذَا رَاجَعَهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا مِنْ الْمَاءِ الْفَاسِدِ بِثَلَاثِ حِيَضٍ إنْ كَانَ قَدْ دَخَلَ بِهَا الْآخَرُ. قال سَحْنُونٌ: قُلْتُ لِغَيْرِهِ فَهَلْ يَكُونُ هَذَا مُتَزَوِّجًا فِي الْعِدَّةِ قَالَ: نَعَمْ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يُصِيبُ فِي الْعِدَّةِ وَإِنْ كَانَ لِزَوْجِهَا فِيهَا الرَّجْعَةُ إنْ لَمْ يَسْتَحْدِثْ زَوْجُهَا لَهَا ارْتِجَاعًا يَهْدِمُ بِهِ الْعِدَّةَ بَانَتْ، وَكَانَتْ يَوْمَ تَبِينُ قَدْ حَلَّتْ لِغَيْرِهِ مِنْ الرِّجَالِ، كَمَا تَحِلُّ الْمَبْتُوتَةُ سَوَاءٌ بِغَيْرِ طَلَاقٍ اسْتَحْدَثَهُ بَعْدَ مَا بَانَتْ اُسْتُحْدِثَ لَهُ عِدَّةٌ فَهِيَ مُطَلَّقَةٌ وَهِيَ زَوْجَةٌ تَجْرِي فِي عِدَّةٍ فَمَنْ أَصَابَهَا فِي الْعِدَّةِ أَوْ تَزَوَّجَهَا كَانَ مُتَزَوِّجًا فِي عِدَّةٍ تَبِينُ وَتَحِلُّ لِلرِّجَالِ، وَذَلِكَ الَّذِي نُقِمَ مِنْ الْمُتَزَوِّجِ فِي عِدَّةٍ قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ إذَا تَزَوَّجَتْ الْمَرْأَةُ فِي عِدَّتِهَا مِنْ وَفَاةِ زَوْجِهَا فَفُرِّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا؟ قَالَ: أَرَى أَنْ تَعْتَدَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا مِنْ يَوْمِ تُوُفِّيَ زَوْجُهَا تَسْتَكْمِلُ فِيهِ ثَلَاثَ حِيَضٍ إذَا كَانَ الَّذِي تَزَوَّجَهَا قَدْ دَخَلَ بِهَا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَكْمِلْ ثَلَاثَ حِيَضٍ انْتَظَرَتْ حَتَّى تَسْتَكْمِلَ الثَّلَاثَ حِيَضٍ. قُلْتُ: فَإِنْ كَانَتْ مُسْتَحَاضَةً أَوْ مُرْتَابَةً؟ قَالَ: تَعْتَدُّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا مِنْ يَوْمِ مَاتَ الزَّوْجُ الْأَوَّلُ وَتَعْتَدُّ سَنَةً مِنْ يَوْمِ فُسِخَ النِّكَاحُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الزَّوْجِ الْآخَرِ، قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ مَنْ تَزَوَّجَ فِي الْعِدَّةِ فَأَصَابَ فِي غَيْرِ الْعِدَّةِ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: وَعَبْدُ الْعَزِيزِ هُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ تَزَوَّجَ فِي الْعِدَّةِ وَمَسَّ فِي الْعِدَّةِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْوَطْءَ بَعْدَ الْعِدَّةِ إنَّمَا حَبَسَهُ لَهُ النِّكَاحُ الَّذِي نَكَحَهَا إيَّاهُ حَيْثُ نُهِيَ عَنْهُ؟ قال سَحْنُونٌ: وَقَدْ كَانَ الْمَخْزُومِيُّ وَغَيْرُهُ يَقُولُونَ لَا يَكُونُ أَبَدًا مَمْنُوعًا إلَّا بِالْوَطْءِ فِي الْعِدَّةِ قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: فَإِنْ كَانَ زَوْجُهَا قَدْ غَابَ عَنْهَا سَنَتَيْنِ ثُمَّ نُعِيَ لَهَا فَتَزَوَّجَتْ، فَقَدِمَ زَوْجُهَا الْأَوَّلُ وَقَدْ دَخَلَ بِهَا زَوْجُهَا الْآخَرُ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: تُرَدُّ إلَى زَوْجِهَا الْأَوَّلِ وَلَا يَقْرَبُهَا زَوْجُهَا الْأَوَّلُ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا مِنْ زَوْجِهَا الْآخَرِ قُلْتُ: فَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا مِنْ زَوْجِهَا الْآخَرِ؟ قَالَ: فَلَا يَقْرُبُهَا زَوْجُهَا الْأَوَّلُ حَتَّى تَضَعَ مَا فِي بَطْنِهَا. قُلْتُ: فَإِنْ مَاتَ زَوْجُهَا الْأَوَّلُ قَبْلَ أَنْ تَضَعَ؟ قَالَ: إنْ وَضَعَتْ مَا فِي بَطْنِهَا بَعْدَ مُضِيِّ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ وَعَشْرٍ مِنْ يَوْمِ مَاتَ الزَّوْجُ الْأَوَّلُ فَقَدْ حَلَّتْ لِلْأَزْوَاجِ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا، وَإِنْ وَضَعَتْهُ قَبْلَ أَنْ تَسْتَكْمِلَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا مِنْ يَوْمِ مَاتَ زَوْجُهَا الْأَوَّلُ فَلَا تَنْقَضِي عِدَّتُهَا مِنْ زَوْجِهَا الْأَوَّلِ إذَا وَضَعَتْ مَا فِي بَطْنِهَا مِنْ زَوْجِهَا الْآخَرِ إلَّا أَنْ تَكُونَ قَدْ اسْتَكْمَلَتْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا مِنْ يَوْمِ مَاتَ زَوْجُهَا الْأَوَّلُ قَالَ: وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ كُلِّهَا، وَكَذَلِكَ قَضَى عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ فِي الَّتِي رُدَّتْ إلَى زَوْجِهَا وَهَلَكَ زَوْجُهَا الْأَوَّلُ وَهِيَ حَامِلٌ مِنْ زَوْجِهَا الْآخَرِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي أَمْرِ هَذَا الزَّوْجِ الْغَائِبِ وَأَمْرِ الزَّوْجِ الَّذِي تَزَوَّجَهَا فِي الْعِدَّةِ وَفِي الْوَفَاةِ عَنْهَا وَفِي حَمْلِهَا عَلَى مَا وَصَفْتُ لَك، قُلْتُ لِغَيْرِهِ: فَرَجُلٌ تُوُفِّيَ عَنْ أُمِّ وَلَدِهِ وَرَجُلٌ أَعْتَقَ أُمَّ وَلَدِهِ وَرَجُلٌ أَعْتَقَ جَارِيَةً كَانَ يُصِيبُهَا فَتَزَوَّجْنَ قَبْلَ أَنْ تَمْضِي الْحَيْضَةُ فَأَصَبْنَ بِذَلِكَ النِّكَاحَ. قَالَ: يَسْلُكُ بِهِنَّ مَسْلَكَ الْمُتَزَوِّجِ فِي الْعِدَّةِ إذَا أَصَابَ وَإِذَا لَمْ يُصِبْ. قُلْتُ: فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا زَوَّجَ عَبْدَهُ أَمَتَهُ أَوْ غَيْرَهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا الزَّوْجُ وَقَدْ كَانَ دَخَلَ بِهَا فَأَصَابَهَا سَيِّدُهَا فِي عِدَّتِهَا، هَلْ يَكُونُ كَالنَّاكِحِ فِي عِدَّةٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَقَدْ قَالَهُ مَالِكٌ قَالَ: وَقَالَ مَنْ وَطِئَ وَطْءَ شُبْهَةٍ فِي عِدَّةٍ مِنْ نِكَاحٍ بِنِكَاحٍ أَوْ مِلْكٍ كَانَ كَالْمُصِيبِ بِنِكَاحٍ فِي عِدَّةٍ مِنْ نِكَاحٍ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْمِلْكَ يَدْخُلُ فِي النِّكَاحِ حَتَّى يَمْنَعَ مِنْ وَطْءِ الْمِلْكِ مَا يُمْنَعُ بِهِ مِنْ وَطْءِ النِّكَاحِ؟ قَالَ: وَأَيْنَ ذَلِكَ؟ قَالَ: رَجُلٌ طَلَّقَ أَمَةً أَلْبَتَّةَ ثُمَّ اشْتَرَاهَا. قَالَ مَالِكٌ: لَا تَحِلُّ لَهُ بِالْمِلْكِ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ كَمَا حُرِّمَ عَلَى النَّاكِحِ مِنْ ذَلِكَ، وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يُتَوَفَّى عَنْ أُمِّ وَلَدِهِ فَتَكُونُ حُرَّةً وَعِدَّتُهَا حَيْضَةٌ فَتَزَوَّجَهَا رَجُلٌ فِي حَيْضَتِهَا: إنَّهُ مُتَزَوِّجٌ فِي عِدَّتِهَا، قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ فَانْظُرْ فِي هَذَا فَمَتَى مَا وَجَدْتَ مِلْكًا قَدْ خَالَطَهُ نِكَاحٌ بَعْدَهُ فِي الْبَرَاءَةِ أَوْ مِلْكًا دَخَلَ عَلَى نِكَاحٍ بَعْدَهُ فِي الْبَرَاءَةِ فَذَلِكَ كُلُّهُ يَجْرِي مَجْرَى الْمُصِيبِ فِي الْعِدَّةِ. قال سَحْنُونٌ: وَقَدْ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ أَيْضًا فِي أُمِّ الْوَلَدِ أَنَّهُ لَيْسَ مِثْلَ الْمُتَزَوِّجِ فِي الْعِدَّةِ. سَحْنُونٌ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: قَالَ مَالِكٌ فِي الَّتِي تَتَزَوَّجُ فِي عِدَّتِهَا ثُمَّ يُصِيبُهَا زَوْجُهَا فِي الْعِدَّةِ ثُمَّ يَسْتَبْرِئُهَا زَوْجُهَا: إنَّهُ لَا يَطَؤُهَا بِمِلْكِ يَمِينِهِ وَقَدْ فَرَّقَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بَيْنَهُمَا وَقَالَ: لَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا. قَالَ مَالِكٌ: وَكُلُّ امْرَأَةٍ لَا تَحِلُّ أَنْ تُنْكَحَ وَلَا تُمَسَّ بِنِكَاحٍ فَإِنَّهُ لَا يَصْلُحُ أَنْ تُمَسَّ بِمِلْكِ الْيَمِينِ فَمَا حَرُمَ فِي النِّكَاحِ حَرُمَ بِمِلْكِ الْيَمِينِ وَالْعَمَلُ عِنْدَنَا عَلَى قَوْلِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ وَعِدَّتُهَا بِالشُّهُورِ فَتَزَوَّجَتْ فِي عِدَّتِهَا فَفُرِّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَيُجْزِئُهَا أَنْ تَعْتَدَّ مِنْهُمَا جَمِيعًا ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ مُسْتَقْبَلَةً؟ قَالَ: نَعَمْ. ابْنُ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ أَنَّ رَجُلًا نَكَحَ امْرَأَةً فِي عِدَّتِهَا فَرَفَعَ ذَلِكَ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَجَلَدَهُمَا وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَقَالَ: لَا يَتَنَاكَحَانِ أَبَدًا وَأَعْطَى الْمَرْأَةَ مَا أَمْهَرهَا الرَّجُلُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا. ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْهَجَرِيِّ عَنْ عُقَيْلِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ مَكْحُولٍ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَضَى بِمِثْلِ ذَلِكَ سَوَاءٌ. ابْنُ وَهْبٍ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَقَدْ قَالَ عُمَرُ أَيُّمَا امْرَأَةٍ نُكِحَتْ فِي عِدَّتِهَا فَإِنْ كَانَ زَوْجُهَا الَّذِي تَزَوَّجَهَا لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ اعْتَدَّتْ بَقِيَّةَ عِدَّتِهَا مِنْ الْأَوَّلِ ثُمَّ كَانَ خَاطِبًا مِنْ الْخُطَّابِ فَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ اعْتَدَّتْ بَقِيَّةَ عِدَّتِهَا مِنْ الْأَوَّلِ ثُمَّ اعْتَدَّتْ مِنْ الْآخَرِ ثُمَّ لَمْ يَنْكِحْهَا أَبَدًا قَالَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ وَلَهَا مَهْرُهَا بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْهَا.
|